سناء عليوي _ كيمياء تطبيقية
أحيانا نبكي فجأة...
ونحترق من داخلنا ولا يحس بنا أحد
ونُسأل عن السبب، فنكتفي بالصمت ردا، لأن الجواب كان فيما مضى
صغيرا جدا، لكنه بعد سنين وسنين كبر في أعماقنا كطفل ينمو، كشجرة تثبتت في القلب
حتى صار بها يضيق.
صار الهم مرضا مزمنا، يعيش معنا ويرهقنا،
ينام في أسرتنا ويتسلل لأحلامنا، فيحيل أفراحنا أحزانا، يأكل من أوعيتنا فيفقد الطعام لونه وطعمه
ونخاف عندما يحل المساء من أن يغتال الهم حلما في طريقه إلينا.
نبكي أحيانا كثيرة، نبكي وحولنا من يجالسنا من بشر، لكنهم لا يرون الدموع وإن سحت سحا وانهمرت حتى كسيل المطر.
ربما لأننا طوال فترة انقضت، أجدنا فن الاختفاء والإخفاء، فاختفينا سويا نحن وبقايا الأحلام في مغارات الحياة.
لكننا وبكل تأكيد لم ننس أن نأخذ الحزن معنا هناك، أو ربما التحق بنا لأنه لم يستطع أن يعيش بدوننا، لقد أصبحنا من الأعزاء جدا على قلبه، هذا إن كان لديه قلب .
ورغم كل شيء ورغم الأرق العميق، الذي سيزورك كل مساء، تحب أنت هذا الأرق، تنتظر بشوق، مرحبا ومهللا، ومستأنسا بذلك الشيخ الوقور، الذي يضحي بنفسه ليال طويلة ليأتي إليك عندما يحل الليل، تشعر بالامتنان له، فهو يضحي بوقته ليمنعك من النوم، ليمنع كابوس الهم من إغارته المعتادة على أحلامك، لكن الهم سيبقى جارا لك، ضاريا مترقبا غفوتك، لينقض عليها انقضاض الصياد على فريسة.
و لأن الأرق مهما طالت زيارته سيغادر في آخر الليل، ستضطر حينها لاستضافة الهم ما بقي من وقت في عقلك وقلبك وفي كل قطرة من دمك.
لكنك ورغم كل ألآمك التي أدى طول أمدها إلى استساغتها، تريد أن تنسحب من فراشك، مستغفلا ضيفك، آتيا بمعول تهوي به على رأسه، وترتوي من دمائه، ثم تحفر قبره بيديك، بأظافرك لتواريه الثرى، حيث لن يعود من هناك مرة أخرى، آملا ومؤمنا بذلك
ربما لن يعود!؟
لكنه سيترك الذكرى قبل الرحيل، سيترك الذكرى الأليمة.
لكن سيكون كما قال الحكماء" أجمل ما في الذكريات الأليمة هو أنها رحلت" .