الملخّص إن العقل لقاصر عن إدراك جليل الحكم والعبر التي حَكَمَت حياة رسول من أولي العزم من الرسل، وأَحْكَمَت أقواله وأفعاله حتى استحق ما استحق من محبة الله وخلته، وحتى أصبح محطّ اهتمام علماء العقيدة والتفسير والحديث والتاريخ، إلا أنه يمكننا استنباط بعض هذه العبر والحكم من حياته u، والتي تخص الداعية والمربي والمعلم على حدٍ سواء. أولاً: اختلف علماء التاريخ فياسم والد سيدناإبراهيم u ومكان ولادته وبعض تفاصيل رحلاته وهجراته، وهذا الاختلاف لا يضيرنا كمسلمين لأنه لا يترتب على معرفته كبير علم، ولا على عدم معرفته كبير جهل، لأن الله تعالى لو أراد أن يطلعنا عليه لأطلعنا، والحكمة الأولى من القصص القرآني هي التقاط العبرة والعظة منها. ثانياً: إن حياة إبراهيم u كانت نسقا متكاملا من الابتلاءات العظيمة، والتي أبدى فيها الصبر والتصبّر والتوكل والرضا بقضاء الله تعالى دون جزع أو تردد. ثالثاً: اتبع إبراهيم u جميع الأساليب الممكنة في توصيل دعوته إلى قومه، فمن المواجهة الفردية والجماعية إلى إقامة الحجة بالبرهان والحوار والتورية. رابعاً: لقد غير إبراهيم u المنكر بيديه حين كسّر الأصنام، وبلسانه طوال مدة بعثته، ولم يكن أبداً ممن يغير المنكر بقلبه؛ لأنه لم يكن ضعيف الإيمان مطلقاً. خامساً: رفع إبراهيم u قواعد البيت الحرام قبلة المسلمين التي رضيها رسول الله محمد r بعد أن توجه في صلاته إلى المسجد الأقصى عدداً من السنين. ثم توجّه بعد ذلك بأربعين عاماً إلى رفع قواعد المسجد الأقصى المبارك، قبلة المسلمين الأولى، ومسجدهم الثاني. سادساً: وجوه التشابه بين أبي الأنبياء u وخاتمهم r كثيرة جداً فمن الشبه الخَلقي إلى التشابه في الصفات الخُلُقية، وفي الدعاء، وفي محبة الله والناس، والمكانة في الدنيا والآخرة.